سلبية المجتمع المغربي.

سلبية المجتمع المغربي.

هند المرنيسي

انهيار القيم وسقوط المثل هما السمة الدالة على سلبية أي مجتمع , والمجتمع المغربي بحكم إصابته بهذه السلبية العامة في كل شيء ,فما يميز المجتمع المغربي عن أي مجتمع آخر عربي هو سلوكه في إدارة الأزمات وكيفية تعايشه معها وقبوله لها , وعلى سبيل المثال لا الحصر نأخذ المجال السمعي البصري ونقارن بين ما ننتجه وما ينتجه غيرنا فما مطالبة المخرجين المغاربة والكتاب لهوامش الحرية الواسعة الفضفاضة والفاضحة إلا تغطية على عتمة وسواد مخيلتهم الجافة التي لا تستطيع إلا التقليد الأعمى لإنتاج الدرجة الثالثة الفرنسية أو الايطالية وأحيانا حتى العربية الرديئة . والذي تابع مهرجان الفيلم بمراكش و تابع انتاجات الدول المشاركة –الرديئة والضعيفة في نضري-وقارنها بإنتاج بلدنا سيرى فرقا شاسعا من كل النواحي ,بل حتى في الحوارات فشتانا بين حوار مع مخرج أو ممثل كوري أو أمريكي وبين الحوار الذي دار بحضور لطيفة أحرار وسعيد بآي ,الحوار الذي يوحي بأنهما من دولة شيوعية يسودها القمع ومنع الحريات وأنهما ممنوعان وعندهما قضية ,في حين أن كلام سعيد بأي كان عبارة عن لملمة لأفكار مقتناه من هنا وهناك لا تمت للواقع المغربي بصلة إلا إذا كان الغرض منها خلق شهيد للفن وما تصريح السيد سعيد بآي بقوله {لا يمكنا إبداع أي شيء بدون حرية} إلا محاولة لإدارة هذا الإفلاس و السلبية التي تطبع المجتمع المغربي الذي لم يعد يتحكم لا في تلفزته ولا ذوقه ولا معطياته عامة بل أصبح مستهلكا لما هو خارجي صرف فكم من مقيمين في الخليج العربي ولبنان دون مغادرة ارض الوطن وهو شكل أخر لإدارة ألازمة .كما هو الحال بالنسبة للعزوف السياسي والانتخابي الذي أحسنت الدولة إدارته بمبدأ {عدي بالنعالة حتى يجيب ربي الصباط} واستطاعت أن تضع لنا حكومة فوق العادة بوزراء خارقين في مجال الكذب والتدليس ,بل حتى فيما لا يمكن النفاق فيه مثل البرلمان الذي تشبه جلساته اجتماعات لجنة بنايتنا التي لا يحضرها إلا رئيس اللجنة والبواب, في غياب باقي الأعضاء والمستفيدين الوحيدين الجدرين بالتنويه والشكر هم حشود المعطلين المرابطين أمام مقر البرلمان في جدية غابت عن نواب الأمة ومنتخبيها, وحتى هؤلاء المعطلون أحسنوا إدارة الأزمة حين وجدوا عملا أمام البرلمان في رباط دائم بدل البحث عن عمل وفرصة أفضل , هذه السلبية في كثير من الصور تطبع مجتمعنا كله بمسحة من الانحطاط المسترسل في غياب فكر واعي بكنهها وجهود متكاثفة للحد منها.