منذ فجر التاريخ وعشاق الجنس يعملون على استدراج الإنسان بعيدا عما أكرمه الله به من قيم العفة والحياء وصيانة العرض، وهي من أبرز مكارم الأخلاق التي بُعث الأنبياء عليهم السلام لإتمامها ودعوة البشر إلى التحلي بها بصفتها قيما سامية وأخلاقا عالية وأذواقا راقية لا تكتمل الحياة السعيدة إلا بها ..
وقد جعل الله تعالى الحفاظ على هذه الأخلاق وصيانتها من تمرد الشهوة وجنوح الغريزة
؛ تكليفا ربانيا رتب عليه المغفرة والأجر العظيم:
قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]
ولما كان الحفاظ على العفة يحتاج إلى صبر ومجاهدة وتضحية؛ فقد ارتقى الإسلام بجزاءه إلى أن جعله: ضمان الجنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، ضمنت له الجنة" [متفق عليه]
ومن هنا اشتمل التشريع الإسلامي على عشرات الأحكام والآداب التي تصون العرض وتحفظ شرفه وتحرس فضيلة العفة في المجتمع، بل جعل التشريع الإسلامي حفظ العرض من الضروريات الخمس؛ وهي: النفس والعرض والعقل والمال والصحة.
وقد انعكس هذا على المجتمع الإسلامي الذي زخر بصور سامية من صور العفة وصيانة الشرف؛ من مثل ما ذكره ابن رجب عن رجل أنه راود امرأةً في فلاة ليلاً فأبت، فقال لها: "ما يرانا إلا الكواكب؟" فقالت: "فأين مُكَوكِبُها (أي أين الله؟) ألا يرانا"؟!
قال النابغة فى العفّة، (قيل: وهو أحسن ما قيل فيها):
رقاق النعال طيّب حجزاتهم ... يحيّون بالرّيحان يوم السّباسب
ومنهج الإسلام في معالجة موضوع الدافع الجنسي يقوم على عنصرين أساسيين:
العنصر الأول: الحث على الزواج والتبكير به وتيسير أسبابه؛ لأن الزواج يضمن تلبية الدافع الجنسي بأفضل الصور وأسلمها.
العنصر الثاني: حماية المسلم من الكبت وآثاره إلى أن يتهيأ له الزواج المشروع، وعماد هذه الحماية الأمور التالية:
1 الثقة بحكمة الله في قضائه وقدره والتسليم الكامل لمقاديره والأمل بالثواب العظيم على العفة والصبر عن المعصية.
2 ترسيخ عقيدة اليوم الآخر وأن فيه الحياة الحقيقية والسعادة الأبدية للمؤمن، وأن الدنيا ظل زائل ومتاع غرور لا يدوم ولا يبقى.
3 توجيه النفس لعبادة الله تعالى وفعل الخير وتوجيه الإرادة لكل أمر سام يصرف همة النفس وطاقاتها إلى الفضائل.
4 إضعاف مثيرات الجنس الداخلية في الجسد بالصيام.
5 إبعاد المسلم عن المثيرات الخارجية قدر الإمكان؛ بما شرعه الإسلام من أحكام الحجاب بمفهومه العام الذي يشمل الستر وغض البصر ومنع الخلوة ..
وفي مقابل هذا المنهاج الرباني؛ تمرد شيطان الإباحية ودعا الناس إلى تأليه شهوة الفرج ورفع جميع القيود عن السلوك الجنسي للإنسان، واستجاب لهذه الدعوة فئام من البشر؛ فمنهم من أطلق العنان لنفسه فكان انحرافه فرديا، ومنهم من سعى لفلسفته وتسويغه علميا وتربويا ومن خلال "الأدب الماجن" و"نظريات فلسفية"..
وهنا برز "سكموند فرويد" بمدرسته في التحليل النفسي، وهو يهودي نمساوي من أبوين يهوديين عاش ما بين 1856 و1939، وهو مؤسس مدرسة التحليل النفسي التي حاول من خلالها تفسير نشأة المجتمع والدين والحضارة ..
أما أصل فكرة التحليل النفسي وإجراء الدراسات النفسية العلمية القائمة على الملاحظة والاستقراء والتجرية؛ فهذا من البحث العلمي الذي يشجعه الإسلام ويرشد إليه القرآن؛ وقد حث القرآن على دراسة النفس وتدقيق النظر والبحث في أعماقها، وكان هذا من أعظم ما تنبني عليه التربية في الإسلام.
إلا أن مدرسة التحليل النفسي التي أسسها "فرويد" أقامها على أساسين فاسدين:
الأساس الأول: الإلحاد بالله وإنكار الغيب
الأساس الثاني: الإباحية الجنسية، وأن الرغبة الجنسية للإنسان لا ينبغي أن تقف أمامها قيود دينية ولا أخلاقية ولا غيرها.
وفي هذا الإطار كتب "فرويد" أفكاره وآراءه في علم النفس وجعل منها نظريات علمية، ولذلك انكشف أنه لم يكن باحثا نزيها متجردا موضوعيا؛ بقدر ما كان يخدم المشروع الصهيوني الخفي الذي يرمي إلى استغلال النوازع والغرائز والشهوات لهدم أبنية الفكر الديني ونشر الإلحاد والإباحية والفساد، وهو ما يؤدي إلى تدمير الأمم والشعوب وسلبها مادة قوتها وتماسكها، تمهيدا لقيام الدولة اليهودية العالمية القابضة على ناصية الشعوب والأمم وخيراتها.
فهذا "المخطط اليهودي" عمل على بلورة وتكريس فكرة "الحرية الفردية" التي يراد لها أن تنطلق شرهة شرسة متمردة على قيود الدين والأخلاق والضوابط الاجتماعية.
ومن هنا تلخصت آراء فرويد فيما يلي:
1 الإنسان كائن مادي ناتج عن تطور المادة تطورا ذاتيا
2 كل سلوك الإنسان يرجع إلى دافع وحيد في كيانه منذ ميلاده حتى موته؛ ألا وهو الدافع الجنسي
3 ينبغي إعطاء الدافع الجنسي الحرية المطلقة وعدم تقييده بأية قيود دينية أو خلقية أو قانونية أو أسرية، وزعم أن مقتضيات الصحة النفسية تدعو إلى إطلاق هذا الدافع وعدم كبته
4 ادعى أن كبت الدافع الجنسي هو المسؤول عن الإصابة بالأمراض النفسية والعصبية.
وهنا اخترع قصة خرافية، زعم أنها حدثت في تاريخ البشرية وأنها السبب في ظهور الدين والأخلاق والتقاليد؛ وهي أن الأولاد في العائلة القديمة شعروا بالرغبة الجنسية نحو أمهم، لكن أباهم منعهم، فقتلوه ليستمتعوا بأمهم ..
كما زعم بأن كل الأطفال الذكور يصابون بعقدة (أوديب) في أول طفولتهم، وهذه العقدة هي ميل الطفل الذكر جنسيا نحو أمه، ويقابلها عقدة (أليكترا) وهي ميل البنت جنسيا نحو أبيها.
إن هذه الآراء والأفكار الشيطانية سرعان ما تهاوت تحت معاول العلم والتجربة الإنسانية، كما جرى لنظيرتها "نظرية النشوء والترقي"؛ فنظرية الإباحية الجنسية كشف بطلانها واقع الغرب المادي والشرق الشيوعي؛ حيث لم تنفع شعوبها للتخلص من أمراضها النفسية القديمة، بل ما ازدادت بهذه الأفكار إلا مرضا على مرض وألما على ألم، فضلا عما أنتجته الإباحية الجنسية من أمراض عضوية فتاكة؛ كمرض الزهري والسيدا؛ مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]
وصدق الخالق جل وعلا: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]
ومن المؤسف أن هذا التوجه الإباحي تبنته هيئة الأمم المتحدة، وجعلت مقتضياته من حقوق الإنسان، وتسعى لعولمته وإلزام الدول بتلك المقتضيات.
والأخطر من ذلك؛ أنها ذهبت في هذا الصدد إلى أبعد الحدود:
فقد كشفت (اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل) عن تقرير خطير أعدّه (خبراء) تابعون للأمم المتحدة، حول وضع الطفلة التي هي دون الثامنة عشر وحقوقها المزعومة، وذلك لمناقشته خلال الجلسة الحادية والخمسين لـ(لجنة المرأة) بالأمم المتحدة.
يحتوي التقرير على حق الطفلة دون الثامنة عشر في الحرية الجنسية بعيداً عن أي توجيهات أسرية أو مجتمعية! وحق الطفلة في الجنس خارج إطار الزواج! وكذا التوصية بمنع الزواج المبكر! وشدّد على ضرورة سن قوانين صارمة ضد من يخالف ذلك!!..
والأعجب أن التقرير أوصى بما أسماه حقوق الفتيات السحاقيات والشاذات جنسياً، وحق تحديد الهوية الجنسية للفتيات؛ بمعنى حرية اختيار الشريك من نفس الجنس أو من الجنس الآخر، وزعم أن الدين -خاصة في الدول التي يعتبر فيها أساس التشريع- يُقَيّد ويحد من فرص المساواة، ويزيد من حدة العنف، وطالب ببذل الجهود لتغيير المعتقدات والأعراف!! وأن التركيز على عذرية الفتاة وخصوبتها تمثل شكلاً من أشكال التمييز ضد الأنثى!!
وبديهي أن مثل هذه التقارير، ومن ثم ما يترتب عليها من توصيات، تتحول إلى قرارات موجهة أساساً إلى العالم الإسلامي، لأن الدول المسيحية مثلاً لا تلتزم بشرائع دينها في هذا الصدد، ومن ثم فالتوجه يكون نحو الحكومات في الدول الإسلامية التي تُرصد لمراقبتها جمعيات ومنظمات تم إيجادها وإمدادها من طرف الإمبريالية المهيمنة على شؤون الشعوب في إطار العولمة الاقتصادية المذلة، والشوملة الاجتماعية الماسخة ..
الواقع المغربي واختراق عولمة الإباحة:
من هنا؛ تغلغل هذا التوجه الإباحي في الدول الإسلامية، ومنها المغرب الذي عرف اختراقا قويا في ظل غياب المقاومة المطلوبة سياسيا وقانونيا وإعلاميا وثقافيا، فضلا عن المقاومة الدينية الحرة والفعالة .. (نذكر هنا بحادثة إقالة الدكتور رضوان بن شقرون بسبب خطبته في إنكار عري الشواطئ).
بل إن مناهج التعليم والسياسة الإعلامية كانتا رهن إشارة ذلك التوجه، الذي استطاع أن يحضر ممثلوه بقوة في مراكز القرار ودواليب السياسة والتسيير.
الشيء الذي انعكس بشكل لافت على واقع المجتمع المغربي المعروف بميله إلى قيم العفة والحياء، وهو الميل الذي عمل الدرع الإباحي في المغرب على تحطيمه بشراسة منقطعة النظير.
وإذا كان تغلغل هذا التوجه قد اتسم بسمة التدرج والسير البطيء منذ أواخر فترة الاستعمار وما بعدها؛ فإنه قد شهد انتعاشا وتم تسريع وتيرته بشكل خطير مع تجربة التناوب منذ سنة 1999، وعمل كثير من الاشتراكيين على التمكين له بقوة، وتجاوبوا بشكل كبير مع الدعوات العلمانية العاملة على ترسيخ الثقافة الإباحية في المجتمع ..
ومن هذا الرحم تولد ما سمي: "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية"، وكل المبادرات والتحركات العلمانية المتعلقة بالمرأة، والتي عرفت رعاية وعناية متميزة من نزهة الصقلي وزيرة الأسرة والتضامن السابقة ..
كما أن المجتمع المغربي لم يَخلُ من منظرين إباحيين يلبسون لبوس العلم والبحث الموضوعي، ويعملون على نشر فكر المدرسة الفرويدية؛ من أمثال عبد الصمد الديالمي الذي ينظر لاستحلال الزنا ويعتبر العفة والعرض قيما إيديولوجية متجاوزة ..
وعلى المستوى الإعلامي شهدت القنوات الوطنية اختراقا غير مسبوق لمنظومة العفة من طرف الفكر الإباحي؛ وتجسد ذلك في برامج وأفلام ومسلسلات ووصلات إشهارية تضرب قيم العفة والحشمة والحياء في الصميم، بل إن الفلسفة المؤطرة لأدبيات العمل الإعلامي نفسها مصبوغة بالصبغة الإباحية (2M نموذجا)
كما أن الإذاعات والصحف والمجلات تكثر فيها تجليات هذا التوجه؛ نخص بالذكر "يومية الأحداث المغربية" التي عملت على تأجيج الشهوة الجنسية من خلال "القصة" و"الصورة"، ومجلة "نيشان" التي كانت أعدت –على سبيل المثال- ملفا حول البكارة عند الفتيات، ودعتهن فيه بصراحة إلى عدم اعتبار المحافظة على البكارة أمرا إيجابيا، وبلغ بهم عشق الإباحية إلى درجة نقل افتخار بعض الزانيات بفقدهن بكارتهن على فراش العهر والفاحشة!
وتشكل "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"؛ أبرز الجمعيات المدنية الراعية لهذا المخطط الرهيب في المغرب:
وسجلها حافل بالمواقف المناصرة للعولمة الإباحية التي تفرض على الشعوب باسم: الحرية وحقوق الإنسان:
من ذلك؛ أنها قدمت يوم 26 فبراير عام 2008م عريضة تطالب الحكومة المغربية بإبطال العمل بالفصل 489 من القانون الجنائي المغربي الذي يجرم أي فعل من أفعال الشذوذ الجنسي يقوم به شخص مع آخر من نفس جنسه، كما طالبت بإطلاق سراح ستة رجال كانوا مسجونين بموجب هذا الفصل من القانون الجنائي!
وقالت خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المذكورة: "إن الوقت مناسب لكي تلغي الحكومة ذلك الفصل الذي يستعمل لانتهاك حرية هؤلاء الأفراد الشخصية، في حين نعتبر أن الحرية الشخصية هي حق لكل فرد مهما كان مادامت لا تمس بحرية الآخرين، ونطالب احترام تلك الحرية وعدم التدخل فيها".
وأضافت: "ولا نعتبر أن هناك ضوابط في احترام حقوق الإنسان ولا يجب أن نعتمد على الخصوصيات كوسيلة للمس بحريات الأشخاص".
ومعلوم أن المراد بالضوابط؛ الضوابط الشرعية التي وردت في القرآن والسنة! وبالخصوصيات؛ الأحكام الدينية التي يختص بها المسلمون!!
وفي هذه الأيام؛ جددت خديجة الرياضي ونائبها عبد الحميد أمين؛ مطالبتهما بإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على معاقبة جريمة الفساد وإقامة علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية.
وتأتي هذه المطالبة في سياق حملة شرسة يقودها رموز الإباحية في المغرب من صحافيين وحقوقيين وباحثين؛ صعّدوا مواقفهم في سياق سياسي خاص (لغزيوي نموذجا) ..
فلا جرم أن ظهرت آثار تلك الدعوات في المجتمع؛ وهو ما يؤكده فشو الزنا واللواط والسحاق بكل مظاهرها وأشكالها ودعواتها، وانتشارها بشكل رهيب هو أشبه ما يكون بطوفان جنسي إباحي مدمر جرف الأخضر واليابس، وترك صورة المجتمع أشبه بصحراء جرداء قاحلة تتجول فيها أفاعي التبرج الفاتكة، وعقارب الميوعة القاتلة، وتنبت فيها حلفاء التفسخ والانحلال.
وهل هناك انحراف سلوكي أشد من زنا المحارم الذي أضحى يشكل أرقاما مخيفة، والشذوذ الجنسي الذي تفشى وكثر المبتلون به من ذكور مارسوا الزنا حتى عافوه، وإناث ألفن الخنا حتى كرهن الرجال وصرن يبحثن عن اللذة في مخادنة النساء؟!
(وما خبر مقتل سحاقية لعشيقتها عنا ببعيد).
بل آل الأمر إلى الجهر بالدعوة إلى (التحول الجنسي)؛ التي تولى كبرها في المجتمع المغربي؛ المسمى نور الدين الذي زعم أنه كان ذكرا فصار أنثى، وأنه مسرور بذلك، وقد سارعت مجلات وجرائد الإباحية بإظهار أمره وإشهار دعوته استكبارا في الأرض ومكر السيء..
وهكذا يسخّر الإعلام الوطني لنشر تلك الرذائل، وتدنيس المجتمع بهذه الأزبال السلوكية الملوثة ..
فانتهكت الأعراض بسبب ذلك، وطم وادي الرذيلة على قرى الفضيلة، حتى صار العاقل العفيف يخشى على عرضه خشية لوط على أضيافه.
وهذه عاقبة التساهل في أمر العرض والعفة، والتقصير في واجب حفظهما ..
ومن أبرز تجليات آثار التوجه الإباحي؛ أحوال الفتيان والفتيات أمام المؤسسات التعليمية؛ فقد أضحت المظاهر المخلة بالحياء لافتة وقوية؛ وإليكم هذا الخبر النموذج، المنشور بإحدى الأسبوعيات الوطنية:
"
داهمت عناصر من الأمن بمدينة مراكش محيط بعض الثانويات، فباغتت مجموعة من التلاميذ والتلميذات في حالة تلبس، كما وجدت بعضهم في حالة سكر بيّن، وحسب مصادر قريبة، فإن الحملة الأمنية التي شملت كل من ثانوية محمد السادس، وابن تومرت والزرقطوني، كانت بناء على شكايات من طرف آباء وأولياء التلاميذ، إلى جانب مراسلات في الموضوع نفسه من طرف بعض مديري المؤسسات التعليمية التابعة للدائرة الأمنية الثامنة.
وحسب نفس المصادر فقد ثبت للشرطة بأن ضمن المعتقلين فتيات قاصرات فقدن عذريتهن وأصبحن (أمهات عازبات) بدون علم أهلهن، وسيتم إحالة الجميع على القضاء قصد التحقيق والمتابعة"اهـ الخبر.
وقد ولّد هذا الواقع ظاهرة غريبة؛ وهي تخوف رجال ونساء من الزواج، لظنهما غياب الشريك الذي لم يتلوث بلوثة العلاقات الجنسية الوسخة ..
كما نسجل هنا أن القانون المغربي لا يتضمن أية فصول تحمي المغاربة من طوفان المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية الإباحية، على غرار بعض الدول التي تعي جيدا خطورة الإباحية فتمنع تلك القنوات والمواقع كما هو الشأن في دولة الصين ..
كل ذلك أدى إلى احتلال المغرب درجة متقدمة في شيوع الدعارة التي نعتبرها "نتيجة" حتمية ل"مقدمة" استباحة الزنا:
فقد صنَّف تقريرٌ أمريكي حول تهريب البشر، المغربَ في مرتبةٍ متقدمة باعتباره بلدا لا يؤمِّن لمواطنيه الحمايةَ الكافيةَ من شبكات تهريب البشر.
وكشف التقرير الصادر سنة 2008 عن تحول المغرب لمصدر أساسي لتجارة النساء ومَعبَر لهذه الشبكات، وأبرزَ التقريرُ خريطةَ الاتجار في المغربيات في العالم حيث ذكر حصولَ عملياتٍ لجلب الفتيات والنساء المغربيات لاستغلالهن في الدعارة بدول السعودية وقطر وسوريا وعمان والبحرين والإمارات وتركيا وقبرص وعددٍ من الدول الأوروبية"اهـ.
هذا ما جناه الفكر الإباحي على العفة المغربية، فهل من وقفة وطنية شريفة لمواجهته والحد من آثاره؟؟